اليوم في لندن.. اختيار دولي لحكومة «فاسدة» وخبراء يقولون: هادي أحاط نفسه بأبناء محافظته والاصلاح أستغل وزارته لإنشاء شبكات محسوبيات لمصلحته
يمنات – الأولى
عقدت, أمس الأربعاء, في لندن, حلقة نقاش نظمها المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية "تشاتم هاوس", عشية انعقاد المؤتمر الوزاري لـ "أصدقاء اليمن", الذي تستضيفه لندن, ويبدأ أعماله اليوم الخميس.
الندوة التي انعقدت تحت عنوان "أصدقاء اليمن.. المساعدات والمساءلة", حضرها وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي, ووزير المالية صخر الوجيه, ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليستر بيرت, والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر, وتحدث خلالها وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي, مستعرضا تطورات الأوضاع في اليمن, والخطوات المنجزة على صعيد ترجمة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, وكذا الجهود المبذولة لاستكمال تنفيذ خطوات المرحلة الثانية, رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه اليمن. مبيناً أن اليمن على مشارف انطلاق مؤتمر الحوار الوطني بعد استكمال كافة التحضيرات لانعقاده.
وشدد وزير الخارجية على أهمية استمرار الدعم من المجتمع الدولي لليمن خلال هذه المرحلة, ومساندة جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي, وحكومة الوفاق الوطني, في سبيل إنجاح الخطوات المتبقية من المبادرة الخليجية, وتعزيز قدرات اليمن وإمكانياته للتغلب على التحديات الراهنة.
وقال الدكتور السعدي: "ولمواجهة تلك التحديات وضعت الحكومة بالتعاون مع شركاء التنمية, برنامجاً للاستقرار والتنمية (2013- 2014), موضحا أن مؤتمر المانحين في الرياض واجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك, واللذين عقدا العام الماضي, توجا بإعلان تعهدات لليمن بنحو 8 مليارات دولار تساهم في تغطية 67% من حجم الفجوة التمويلية للبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية, البالغة 11.9 مليار دولار.
وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليستر بيرت, جدد من جانبه موقف بلاده الداعم لأمن اليمن واستقراره ووحدته, ومساندتها للتسوية السياسية السلمية التي شهدتها اليمن بغية الخروج من الأزمة التي واجهها خلال العام 2011. مؤكدا على الأهمية التي يكتسبها مؤتمر الحوار الوطني الذي سينطلق في 18 مارس.
وأكد الوزير بيرت أن بريطانيا تشجع وتدعو مختلف الأطراف إلى المشاركة بفاعلية في مؤتمر الحوار وطرح قضاياهم دون شروط مسبقة.
منبها أن من يحاولون استعراض القوة بقصد إفشال المرحلة الانتقالية, لن يكتب لهم النجاح, وأن المجتمع الدولي لن يقف متفرجاً إزاء من يسعون الى تقويض العملية السياسية في اليمن.
من جانبه, أكد المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر, أن المجتمع الدولي سيواصل دعمه ومساندته لليمن من أجل إنجاح العملية الانتقالية الجارية في هذا البلد, باعتبارها تجربة فريدة من نوعها في المنطقة العربية, وتتميز التجارب التي شهدها دول الربيع العربي.
وشدد بن عمر, طبقا لما أوردته وكالة الأنباء الحكومية "سبأ" على ان الحوار الوطني المزمع تدشينه في مارس الجاري, هو الفرصة الذهبية والوحيدة لإخراج اليمنيين من واقع التحديات والأزمات, والخيار الأمثل لمعالجة مختلف قضاياهم بالطرق السلمية وفقا لما جاء في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقراري مجلس الأمن, مجددا دعوته لكافة الأطراف إلى نبذ العنف وتبنى مبدأ الحوار لحل جميع القضايا الخلافية.
كما تحدث في حلقة النقاش التي شارك فيها سفير اليمن لدى المملكة المتحدة عبدالله علي الرضي, كل من الخبيرة الوطنية جميلة علي رجاء, ورأفت الأكحلي, من مؤسسة رنين, ومحمد مراد مطهر, من منظمة همة شباب للتنمية, ومديرة برنامج الشرق الأوسط في معهد "تشاتم هاوس" الدكتورة كلير سبنسرز, حيث تناولوا في كلماتهم تطورات الأوضاع في اليمن, والنجاحات المحققة على صعيد تنفيذ التسوية السياسية, وكذا دور منظمات المجتمع المدني في الإسهام بفاعلية في إنجاحها, فضلا عن الآمال المعقودة على المجتمع الدولي لتقديم الدعم والمساندة لليمن بما يمكنه من التغلب على التحديات الراهنة.
وينعقد المؤتمر الوزاري لأصدقاء اليمن, اليوم, في لندن. وتقول مصادر "الاولى" إن جدول أعمال المؤتمر يتوزع على 3 بنود, هي: أولا بحث آخر المستجدات في الترتيبات الجارية لتدشين مؤتمر الحوار الوطني الشامل في 18 مارس, ثانيا: بحث أهم التطورات في الإجراءات المتخذة للانتخابات البرلمانية والرئاسية عام 2014, ثالثا: تحويل التعهدات المالية (7.8 مليار دولار) من وعود إلى مشاريع عملية.
وبشأن البند الثالث تسود لدى مراقبين شكوك بشأن إمكان قيام الدول المانحة بإعلان تحويل التمويلات بهذا المبلغ إلى الحكومة اليمنية, حيث إن الالتزامات المطلوبة من الحكومة للمجتمع الدولي, على صعيد سلامة وكفاءة آليات استيعاب المنح الدولية, هي التزامات لم تفِ بها الحكومة حتى اللحظة.
وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت, الذي تستضيف بلاده المؤتمر, قال, مطلع الأسبوع, إن الهدف من اجتماع أصدقاء اليمن هو "دعم الحوار الوطني وتشجيعه, إضافة إلى التأكيد من أن الدعم الذي قدم لليمن خلال مؤتمرات سابقة, وبلغ 709 مليار دولار, سينفق على مشاريع محددة ومدروسة".
وتابع: "والسبب في عدم إرسال هذه الأموال إلى اليمن في السابق, كان رغبة الدول المانحة في صرف هذه الأموال على مشاريع محددة, وليس لخزينة الدولة مباشرة, بعد أن نهبت وتبخرت الأموال في السابق".
الشكوك في كفاءة الحكومة اليمنية لتلقي المنح الدولية؛ قائمة في عواصم غربية عديدة, وكان المعهد الملكي البريطاني, الذي استضاف ندوة الأمس في لندن, أصدر في يناير الماضي, تقريرا إثر ندوة مماثلة نظمها مع خبراء دوليين بشأن الوضع في اليمن.
وخلص تقرير المعهد البريطاني إلى أنه, ونظرا لتركيز الاهتمام على عملية الحوار الوطني, فإن الحكومة الانتقالية لا تولي اهتماما كافيا بأزمة اليمن الاقتصادية.
وأفاد التقرير أن الحكومة تواجه حاليا عجزا يصل إلى 3 مليارات دولار التي تعهد بها مؤتمر المانحين في الرياض, في سبتمبر الماضي؛ قد توقفت بسبب الخلاف على آلية تقديم المساعدات.
ونقل التقرير أن الرئيس عبد ربه منصور هادي زاد من ميزانية وزارة الدفاع زيادة كبيرة, وأن إنفاق هذه الزيادة مستمر دون مساءلة.
ولفت تقرير المعهد البريطاني إلى أن هناك مسألة مهمة هي ربط المانحين الدوليين لمنحهم بنجاح الفترة الانتقالية, وتساءل المعهد: ماذا إذا فشلت الفترة الانتقالية ومؤتمر الحوار الوطني؟
وأضاف: "ماذا سيحصل لمساعدات المانحين إذا فشل مؤتمر الحوار الوطني؟".
وبشأن آليات الحكومة, التي يضع المانحون معايير دولية صارمة لها كي يصرفوا تعهداتهم المالية, قال المعهد الملكي إن بعض المراقبين للفترة الانتقالية في اليمن يخشون أن تعيينات الرئيس هادي للمناصب المدنية والعسكرية "قد تفضل أفرادا من محافظته: محافظة أبين", مضيفا أن هؤلاء المراقبين يرون "أن تركيز السلطة هكذا سيشبه ما حدث خلال حقبه الرئيس السابق ", لكنه أشار إلى أن ظاهرة تعيين عبد ربه منصور هادي لمحسوبين على منطقته, لم تنتشر على نطاق الحكومة, بل إنها تحدث فقط" في الدائرة القريبة من الرئيس هادي وأعادة هيكلة الجيش, وأنه سيتخذ "خطوات لتعديل قيادة اللواء علي محسن".
التقرير, الذي نشره المعهد الملكي البريطاني على موقعه في الانترنت, اشار أيضا إلى أن المشاركين في النقشات تحدثوا عن "القوة المتنامية لحزب الإصلاح, وساقوا أدلة على استغلاله لفرصة شغل مناصب وزارية من أجل بناء شبكات محسوبية خاصة به".
ونقل التقرير عن المشاركين في الندوة قولهم إن الائتلاف الحكومي بين المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك "يهيمن عليه حزب الإصلاح".
وقال إن هذه التركيبة الحزبية في الحكومة (بين المؤتمر الشعبي وبين المشترك) قد أسفرت "بصورة مفاجئة عن تزويد المجتمع بأدلة قيمة عن فساد الحكومة, إذ سرب كل من طرفي الائتلاف وثائق عن ممارسات الآخر الفاسدة وتفاصيلها", لكن التقرير يستدرك بأن "تدفق المعلومات هذه لم تتبعها أية استجابة مؤسساتية أو علامة من علامات الإصلاح".
وتوقع التقرير أن "شبكات المحسوبية والنخب التقليدية القائمة سوف تبقى, وإن تغير الأفراد في أعلى المناصب الحكومية".
كما توقع التقرير أن "الرئيس هادي سيبقى إلى آخر العام 2014, سواء جرت الانتخابات أم لم تجرِ", حسب تعبيره.